اليوم، تحصل الولايات المتحدة الامريكية على وجه جديد، ليس هناك رئيس جديد فحسب، بل إنها تنفصل على الفور عن السياسة الداخلية والخارجية التي كانت تتبعها سابقتها. وقد أعد فريق جو بايدن ما لا يقل عن 17 مرسوماً وتدابير رئاسية، لا يزال بعضها قيد العمل حتى اليوم.
كان فريق جو بايدن منشغلا بشدة في الأسابيع الأخيرة، حيث أراد الرئيس الجديد أن يظهر لشعبه و العالم صورة جديدة على الفور. هناك ما لا يقل عن 17 مرسوما وقرارا على الطاولة، سيتم التوقيع على بعضها اليوم في أول يوم عمل للرئيس الجديد جو بايدن. إنها كثيرة، لكننا سندرج أهمها.
1- المناخ: العودة إلى الإتفاق و لا خط أنابيب
بعد وقت قصير من مراسيم أداء اليمين الدستورية، سوف يرسل جو بايدن، بصفته رئيساً، رسالة رسمية إلى الأمم المتحدة ليعلن فيها أن أمريكا ستنخرط من جديد في اتفاقية باريس للمناخ و ستمتثل لأحكامها، تماما مثل أكثر من 170 دولة أخرى.
إنه وعد انتخابي من قبل بايدن يلغي الانسحاب الذي تم في عهد دونالد ترامب من الاتفاقية. فبدون الولايات المتحدة باعتبارها واحدة من أكبر و أبرز الدول الصناعية، فإن اتفاقية المناخ هذه مهددة بفقدان الكثير من قوتها و هيبتها.
كما سيلغي بايدن تصريح خطوط أنابيب ” كيستون إكس إل ” Keystone XL المثيرة للجدل و التي من شأنها أن تجلب النفط من الرمال النفطية – القطرانية الكندية إلى الولايات المتحدة. وكان قد تم بالفعل تنفيذ بعض هذه التدفقات، إلا أن التراجع عن مرسوم كان قد أصدره ترامب بشأن الإسراع في بناء خطوط الأنابيب المتبقية قد تم إلغاؤه الآن.
و قد كانت هناك الكثير من الانتقادات بسبب خطر التلوث البيئي، و لكن كندا و هي منتج رئيسي لهذا النوع من النفط ، لن تكون سعيدة بهذا القرار على أية حال . كما سيعيد بايدن العمل على تطبيق بعض المعايير البيئية التي تم إلغاؤها و جعلها أكثر تشددا.
2- أزمة كورونا: العودة إلى منظمة الصحة العالمية والتدابير الاتحادية
أُعلن أمس أن 400،000 شخص قد لقوا حتفهم بالفعل بسبب فيروس كورونا في الولايات المتحدة، حيث جعل جو بايدن من معالجة تلك الأزمة أولوية إتحادية. فبالرغم من ترك ترامب معالجة تلك الأزمة بيد كل ولاية على حدة، إلا أن الحكومة الفدرالية الآن ستمسك بالثور من قرنيه.
وهكذا ستعود الولايات المتحدة إلى منظمة الصحة العالمية (WHO) التي انسحب منها ترامب، بحيث ستكون واحدة من أكبر مموليها مرة أخرى، الأمر الذي سيزيد من نفوذ منظمة الصحة العالمية من جديد.
بايدن يريد أيضا أن تطبيق إلزامية أقنعة الفم في جميع المباني الاتحادية و المؤسسات والمواقع و كذلك في وسائل النقل بين الولايات محاولا توسيع نطاق ذلك، لكنه لم يفلح في ذلك، بسبب إستقلال كل ولاية في شؤونها و قراراتها الداخلية .
الرئيس الجديد يريد أيضا تسريع تطعيم الأميركيين باللقاح معتمدا من بين أمور أخرى على قانون الإنتاج الدفاعي (DPA) ، وهو عبارة عن قانون مستمد من فترة الحرب الكورية (1950-1953)، يستطيع الرئيس بموجبه أن يسيطر على مراقبة و إدارة جزء من الاقتصاد إذا كان الأمن القومي – الصحة في هذه الحالة – يتطلب ذلك ، و أن يجبر الشركات على إنتاج اللقاحات بسرعة أكبر.
3- الهجرة: المسلمون و”الحالمون” والجدار
هناك أيضا رياح أخرى ستهب في سياسة الهجرة. حيث ألغى الرئيس بايدن على الفور مرسوم سلفه الذي يحظر دخول المهاجرين من عدد من البلدان الإسلامية إلى الولايات المتحدة.
واعتُبر هذا التدبير تمييزياً دون أن تكون له قيمة تُذكر في مكافحة الإرهاب، الحظر الذي استُثنيت منه المملكة العربية السعودية، البلد الذي جاء منه معظم إرهابيي 11 سبتمبر.
كما سيتم وقف بناء وتمويل الجدار الحدودي الشهير مع المكسيك، بعد أن كان ذلك أولوية في عهد ترامب. وفي الوقت نفسه، سيتم إعادة تنشيط برنامج “داكا” أو “الحالمين” الذي كان قد تم إلغاؤه من طرف ترامب.
هذا البرنامج سيسمح للأشخاص الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني كأطفال وعاشوا هناك لسنوات بالبقاء هناك وتمتعهم بحقوق المواطنة.
في الوقت نفسه، سوف تحرر الولايات المتحدة الأموال اللازمة لمراقبة الحدود، ولكن أيضاً من أجل المشاريع الاجتماعية في بلدان أمريكا الوسطى مثل السلفادور وهندوراس وغواتيمالا لتشجيع المهاجرين المحتملين على البقاء هناك.
وكان ترامب قد قام بإلغاء التمويل اللازم من أجل ذلك. كما يرغب بايدن في لم شمل أبناء المهاجرين غير الشرعيين الذين انفصلوا عن والديهم بأسرهم في أقرب وقت ممكن.
4- بداية سريعة، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل
وأخيراً، هناك حزمة من التدابير الاجتماعية قيد الإعداد، بما في ذلك الحد من التوترات العرقية والبرامج التي ألغاها ترامب لغرض تعزيز التنوع.
كل ذلك لن يتم تسويته في يوم واحد بطبيعة الحال، ولكن فريق جو بايدن يريد أن يأتي بحزمة من التدابير العاجلة اليوم تستتبعها أخرى في الأيام العشرة المقبلة.
يمكن أن يكون تأثير الإدارة الأمريكية الجديدة سريعًا جدًا ، حيث يتعلق الأمر غالبا بتقليص المراسيم الرئاسية لدونالد ترامب والتي سرعان ما قام بسنها دون مشاركة الكونغرس، وبالتالي فيمكن إلغاؤها بسرعة أيضا من قبل جو بايدن و بدون الرجوع للبرلمان.