المغرب: انكماش إقتصادي العام الماضي و تفاؤل حذر بشأن النمو هذا العام

بعد التباطؤ الذي شهده الاقتصاد المغربي خلال عام 2020 ، مثل باقي معظم الاقتصادات العالمية ، هناك تفاؤل حذر بتحقيق النمو الاقتصادي في عام 2021. 

1- تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد المغربي

 

أدى وباء كورونا إلى تعطل القطاع السياحي في المغرب و تعليق أنشطة المصانع المنتجة للسيارات علاوة على تعليق عدد من القطاعات الأخرى ، ما أفضى إلى تدهور اقتصادي ملموس.

وعلى الرغم من توقعات بعض الباحثين الاقتصاديين بشأن استمرارية معاناة الاقتصاد المغربي من المشاكل خلال عام 2021 ، فإن البرلمان على ما يبدو متفائل ويتحدث عن مؤشرات لسنة إيجابية على عدة مستويات. 

يقول الباحث الاقتصادي بالمعهد المغربي لتحليل السياسات غير الحكومية  رشيد أوراز  “الاقتصاد الوطني سيشهد صعوبات خلال عام 2021 تتعلق بعواقب انتشار فيروس كورونا”. وأضاف في مقابلة أن “كل التوقعات تشير إلى أن الاقتصادات الوطنية لن تتعافى قبل عام 2023. وهذا ما يعني أن آثار الأزمة الصحية ستستمر في الظهور خلال عامي 2021 و 2022 “. 

 

 

2- توقعات اقتصادية متشائمة

 

توقعت المندوبية السامية للتخطيط (الجهاز الرسمي للإحصاء) الشهر الماضي ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4. 6٪ خلال عام 2021 ، مقارنة بتوقعات حدوث انكماش بنسبة 7٪ في عام 2020. 

و تقترب توقعات المندوبية من توقعات البنك المركزي الذي حدد معدل النمو لعام 2021 عند 4. 7 بالمئة و معدل التضخم أقل من واحد بالمئة. 

و قال أوراز أنه خلال عام 2021 ، ستعاني بعض القطاعات أكثر من غيرها ، خاصة تلك التي تكاد تكون عالقة ، مثل السياحة و الطيران و الصناعات اليدوية ، و سترتفع معدلات البطالة بسبب عدم قدرة الشركات على مواجهة أثار الجائحة. و أضاف أيضا ، بأنه سيكون هناك تراجع مستمر في الاستثمار الخاص و المباشر ، لأنه على الرغم من الخطوات التي تتخذها الدولة ، فإنها لن تتمكن  من ضمان تحسن الاستثمار الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر. 

 و على الرغم من التوقعات بحدوث انكماش في الاقتصاد المغربي ، إلا أنه لم يتراجع بشكل حاد مثل العديد من الاقتصادات في العالم ، والتي من المتوقع أن يسجل بعضها انكماشًا بأكثر من 10 في المائة. 

و كان المغرب قد  قرر في 15 مارس 2020 ، إنشاء صندوق خاص لإدارة و مواجهة الجائحة ، ولتغطية النفقات المتعلقة بإعادة تأهيل الوسائل و الميكانيزمات الصحية ، و كذلك من أجل مواكبة القطاعات الأكثر تضررا من انتشار الوباء ، مثل السياحة ، و للتخفيف من الآثار الاجتماعية لهذه المعضلة. 

و في ظل هذه المؤشرات الغير متفائلة بسبب استمرار ضعف الاقتصاد المغربي خلال العام الجاري ، قال عضو لجنة المالية و التنمية الاقتصادية في مجلس النواب المغربي  (الغرفة الأولى بالبرلمان)  ، نوفل الناصري ، إن معدل النمو في 2021 سيصل إلى 4. 8 في المائة ، وفقًا لتوقعات الانتعاش الاقتصادي العالمي “. 

3- أرقام و معدلات إقتصادية متضاربة بالمغرب

 

و أضاف الباحث الاقتصادي  نوفل الناصري  أيضا ، أن “معدل النمو المحتمل في عام 2021 يمكنه تعويض الانكماش العام في الاقتصاد الوطني  لعام 2020”. و أضاف باحتمالية  تعافي بعض القطاعات الأخرى ، و خاصة الأنشطة المرتبطة بالتجارة وبعض القطاعات مثل الفنادق و السياحة التي شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال العام الماضي. 

و من المعلوم أن الحكومة المغربية كانت قد اتخذت إجراءات احترازية و فرضت قيودا صارمة منذ مارس من العام الماضي ، في إطار الجهود المبذولة لمنع انتشار وباء كورونا على المستوى المحلي ، و التي تضمنت تعليق الطيران و المرور وإغلاق المرافق الحيوية التي استمرت أكثر من ثلاثة أشهر. 

و أضاف الناصري أنه من بين الأمور المتوقعة و التي تبشر بسنة إيجابية من حيث معدل النمو ، إرتفاع القيمة المضافة الزراعية بنسبة 11٪ ، مما سيجعل محاصيل الحبوب تتجاوز 70 مليون قنطارا. 

كما توقع أيضا زيادة إنتاج الحمضيات بنسبة 29٪ و إنتاج الزيتون بنسبة 14٪ ، الأمر الذي سيعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني و يزيد من مردوديته الإنتاجية. 

4- تفاؤل مرتقب، لكن بشروط

 

وأضاف أن “عام 2021 سيكون إيجابيا خاصة مع بداية تعميم التغطية الصحية الشاملة التي ستعالج الاختلالات في نظام الضمان الاجتماعي و ستمكن من التكامل الاقتصادي”. 

و يربط الناصري ما سبق ، باستثمارات عامة في عام 2021 تصل إلى 230 مليار درهم (25 مليار دولار) ، مما سيمكن من تعزيز القيمة المضافة في مجموعة متنوعة من الصناعات ، وإنعاش قطاع المقاولات في المملكة وزيادة احتياطيات العملة الصعبة. 

و فيما يتعلق بالمشاريع الاقتصادية المطروحة على سلم الأولويات ، أوضح الباحث الاقتصادي أوراز أن “مجال السياحة يعتبر من الأولويات ، لأنه قد تأثر بشدة بسبب التبعات السلبية للجائحة ، حيث يعتبر بمثابة مشغل رئيسي و مرتبط أساسا بالقرارات الاقتصادية الخارجية”. 

كما شدد أوراز على مسؤولية الدولة في توفير ضمانات مؤسسية كافية وإصلاحات و حكامة المستثمرين المحليين و الأجانب . و كذا تنفيذ إصلاحات على مستوى سوق العمل لتكون أكثر ملاءمة”.

 

Exit mobile version