اجتاحت موجة من السخط والإحباط وسائل التواصل الاجتماعي بعد ظهور محمد زيان، وزير حقوق الإنسان والمحامي و النقيب المغربي السابق، البالغ من العمر 82 عاما، في حالة واهنة أثناء مثوله أمام المحكمة يوم الإثنين. وأثارت حالته الجسدية الضعيفة ومرضه الواضح قلقًا واسع النطاق.
وتم استدعاء زيان، الذي يقضي حاليًا عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة سوء السلوك الجنسي وإهانة القضاء، إلى المحكمة لمواجهة تهمة ثانية تتعلق بعدم دفع مستحِقّات لخزينة الدولة. إلا أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات للعام المالي 2023 برأه من هذه التهمة، بحسب صحيفة الحياة اليومية.
وأجلت محكمة الاستئناف بالرباط الجلسة إلى 14 يونيو، استجابة لطلب فريق الدفاع لمزيد من الوقت لإعداد مرافعتهم. ويعتقد نشطاء حقوق الإنسان أن سجن زيان هو نتيجة لآرائه السياسية وانتقاده للسلطات المغربية.
وأفادت عائلة زيان أنه يعاني من مشاكل صحية مزمنة، بما في ذلك أمراض القلب والتهاب المفاصل الفقارية وغيرها من الأمراض المرتبطة بالعمر، والتي تفاقمت بسبب ظروف سجنه.
تدوينات لصحفيين يستنكرون اعتقال النقيب محمد زيان
وكتب حسن بناجح، عضو الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاكات حرية التعبير في المغرب، تدوينة وصف فيها المشهد العاطفي الذي شهده خلال محاكمة زيان. وأعرب عن حزنه لرؤية الرجل المسن، الذي أمضى بالفعل سنة ونصف في السجن، يخضع لمزيد من الإجراءات القانونية رغم ضعفه.
وتساءل بناجح عن مدى أخلاقية إبقاء رجل يبلغ من العمر 82 عاما رهن الاحتجاز بسبب آرائه، واصفا المعاملة بـ”القاسية” و”المحيرة”. وقد أثار منشوره غضباً واسع النطاق وتعاطفاً مع محنة زيان.
وأثار الفيديو المزعج للنقيب محمد زيان، وهو منهك ويكافح من أجل المشي، وهو في طريقه إلى المحكمة، غضب الكثيرين. وأعربت الصحافية حنان بكور عن استيائها عبر صفحتها على فيسبوك، مؤكدة أن مثل هذه المشاهد غير مقبولة بالنسبة لدولة ترأس مجلس حقوق الإنسان.
وشددت على أن الوطنيين الحقيقيين يجب أن يعملوا من أجل تحقيق انفراج لإنهاء معاناة النقيب زيان ومعتقلي الريف وغيرهم من معتقلي الرأي.
وردد الباحث يحيى شوطى أراءا مماثلة، قائلًا إنه رغم أنه من الطبيعي أن نختلف مع النقيب زيان، إلا أن عمره ووضعه الوزاري السابق وحالته الحالية تستدعي الاحترام والتعاطف. وأعرب عن أمله في أن تسود الحكمة، مما يؤدي إلى إطلاق سراح النقيب.
واتفق العديد من الآخرين، بمن فيهم الصحفي أحمد بيضي والناشط في مجال حقوق الإنسان محمد بنساسي، على أنه على الرغم من الاختلافات الأيديولوجية، فإن الحالة الصحية والنفسية المتدهورة للنقيب زيان تتطلب التعاطف.
وأكد الصحفي عصام الطالبي أن مكان النقيب زيان ليس في السجن، وأن اعتقاله شوه صورة المغرب الديمقراطية. وناشد الملك محمد السادس منح عفو خاص للنقيب زيان وغيره من سجناء الرأي، كجزء من جهود المصالحة الأوسع.
وطرح الأستاذ يونس حباش سؤالًا مؤثرًا: ماذا يعني أن تكون مغربيَا؟ فأجاب أنه يعني تحمل المعاناة والذل والظلم حتى في سن متقدمة. وأعرب المحامي رضا بوكمازي عن أسفه لأن المغرب لا يستحق مثل هذه الصور المشينة ودعا إلى إطلاق سراح النقيب زيان.
وعجز كل من الصحفيين سناء القويطي وحسن المولوع عن الكلام أمام هذا المشهد المزعج، واعترف المولوع بأنه قد أصابه اليأس والخوف. واختتم كلامه بالدعاء لإطلاق سراح المحامي زيان.
وفي نوفمبر 2022، أيد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط الحكم الابتدائي الصادر ضد المحامي محمد زيان، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وغرامة قدرها 5000 درهم (حوالي 500 دولار أمريكي). إضافة إلى ذلك، أمرت المحكمة زيان بدفع تعويضات مدنية للمطالبين.
وجاء قرار محكمة الاستئناف بناءًا على عريضة قدمتها النيابة العامة بموجب المادتين 392 و414 من قانون الإجراءات الجنائية، مما أدى إلى القبض على زيان وسجنه.
وبحسب النائب العام، فإن التهم الموجهة إلى زيان شملت إهانة رجال القضاء والموظفين العموميين والهيئات المنظمة، بقصد المساس بشرفهم واحترامهم. كما اتُهم بنشر بيانات كاذبة للتأثير على القرارات، وإذاعة ادعاءات كاذبة ضد امرأة بسبب جنسها، والتشهير بالأفراد عبر أنظمة المعلومات.
علاوة على ذلك، اتُهم زيان بالتحريض على مخالفة التدابير الصحية، والترويج للخيانة الزوجية، وتقديم قدوة سيئة للأطفال، ومساعدة مجرم على الهروب من التحقيق ومغادرة التراب الوطني. وأخيرًا، اتُهم بالتحرش الجنسي.
النقيب محمد زيان يتهم إسحاق شارية
و في سياق آخر، أصدر النقيب محمد زيان ووزير حقوق الإنسان الأسبق بيانًا، حمل فيه اللوم في مأزقه الحالي بشكل مباشر على عاتق إسحاق شارية.
وشدد النقيب السابق لنقابة المحامين بالرباط، عبر عائلته، التي تواصلت مع صحيفة الحياة اليومية، على أن إسحاق شارية يتحمل المسؤولية الكاملة عن مشاكل النقيب. كما أوضحت عائلة محمد زيان أنه لا ينزعج من نشر صورته، بل إنه دائمًا ما يعرضها أمام وسائل الإعلام والجمهور، وأنها لا تنال من كرامته.
وأعرب النقيب عن شجاعته التي لا تتزعزع في مواجهة الشدائد، مبينًا أنه لا يخجل من محنته الحالية، فهي اختبار لشخصيته وأن فرج الله قريب. كما اغتنم الفرصة للتعبير عن امتنانه العميق للشعب المغربي على تعاطفه وتضامنه خلال الأوقات الصعبة التي يمر بها.
كما أدانت عائلة النقيب استغلال إسحاق شارية لإسم المحامي زيان وملفه، وحثته على الكف عن مثل هذه التصرفات الأنانية التي لا تؤدي إلا إلى تشويه سمعته.