اغتيال إسرائيل للقيادي في حماس، صالح العاروري، و قياديين من القسام جنوب بيروت
في تطور مُقلق يُحتمل أن يؤدي إلى تصعيد حاد، قامت إحدى الطائرات بدون طيار التابعة لإسرائيل بتنفيذ عملية اغتيال مساء يوم الثلاثاء.
وقد استهدفت هذه العملية صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وذلك وسط منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت، وهي المنطقة الخاضعة لنفوذ حزب الله، قبيل يوم واحد من الذكرى التي كان مقررا فيها ظهور الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، حيث أُشِيع أنّ العاروري كان سيعقد معه لقاءا هناك.
و أدى الانفجار إلى تصاعد الأدخنة في سماء الطريق السريع هادي نصرالله بالقرب من منطقة تقاطع المشرفية في الضاحية الجنوبية، مما تسبب في دمار هائل بالشقة التي كانت محور الحدث وأدى إلى اشتعال النيران في العديد من المركبات وتناثر رفات الضحايا في جميع أنحاء المنطقة.
إسماعيل هنية يؤكد أن حماس لن تُقهر على الإطلاق
في مساء يوم الثلاثاء، ألقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خطابًا أكد فيه أن قتل العاروري يشكل جريمة إرهابية كاملة العناصر، ويمثل خرقًا لسيادة الأراضي اللبنانية، ويمثل أيضًا تصعيدًا في الهجمات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
و قام هنية بتقديم التعازي في وفاة العاروري وقادتين من كتائب القسام، وهما سمير فندي المُكَنى بـ (أبو عامر) وعزام الأقرع المُكَنى بـ (أبو عمار).
و في بيان أصدرته حركة حماس، وصفت الضحايا من أعضاء الحركة الذين قُتلوا نتيجة لعملية اغتيال بأنهم “شهداء”. والأسماء المذكورة لهؤلاء الشهداء هي: محمود زكي شاهين، ومحمد بشاشة، ومحمد الريس، وأحمد حمود.
و أفاد الإعلان بأن الاغتيال يمثل عملاً إرهابياً بجميع مقوماته ويُعَدُّ خرقاً سافرا لسيادة دولة لبنان، وتمديداً للعدوان على شعبنا وأمتنا.
ويتحمل الكيان الصهيوني الغازي، الذي يتصف بالنازية، المسؤولية الكاملة عن آثاره السلبية. ولا يجوز لهذه الأفعال أن تثني إرادة الصمود والمقاومة في نفوس شعبنا ومقاومته المشهود لها بالبسالة.
و صرح قائلاً “اختلطت دماء القائد المجاهد الشهيد، الشيخ صالح العاروري، وإخوته الأبرار مع دماء العديد من الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية وخارج الوطن، وكذلك مع دماء شهداء الأمة التي روت أرض معركة “طوفان الأقصى” في سبيل فلسطين والأقصى الشريف”.
و أضاف “لقد انتقل القائد الشيخ صالح العاروري وإخوانه إلى جوار ربهم شهداء، بعد أن قضوا حياتهم في التفاني والجهاد والمقاومة والعمل الدؤوب من أجل فلسطين، وبخاصة القدس والمسجد الأقصى المبارك، وقد حققوا أعلى ما تمنوه في طريق النضال المليئ بالمشقة، وخلفوا وراءهم رجالاً أقوياء يرفعون اللواء من بعدهم ويواصلون الطريق، مدافعين عن شعبنا وأرضنا ومقدساتنا حتى التحرير والعودة، بإذن الله تعالى”.
كما نوه الإعلان على أن حركة حماس تقدم رؤساءها ومؤسسيها كشهداء في سبيل العزة والشرف لأمتنا وشعبنا، وهي لن تُقهر قط، بل تستمد من هذه الهجمات مزيداً من القوة والثبات والإصرار الذي لا يخور. هذا ما ترويه سيرة المقاومة والحركة بعد استشهاد قياداتها، حيث تنبعث أقوى وأشدّ عزيمة.
و تأتي هذه الحملة بعد أن أعلنت إسرائيل عن مطاردة دولية للوصول إلى القيادي العاروري، الذي كان له دور في تأسيس الذراع العسكري للمنظمة، ويُظن أنه كان على دراية مسبقة بخطة عملية “طوفان الأقصى” التي جرت في السابع من أكتوبر، وأنه يشكل حلقة الوصل بين “حماس” من ناحية وإيران وحزب الله من ناحية أخرى. وكان العاروري قد تعرض سابقًا للاعتقال في السجون الإسرائيلية قبل أن يتم طرده خارج فلسطين.
إقرأ أيضا: بوريس جونسون يعترف بارتكاب “خطأ” وسط استنكار برلماني بسبب فضيحة ترويج
حزب الله يؤكد عهده بالرد على اغتيال إسرائيل للقيادي في حماس
لم يتوان حزب الله عن الإعلان عن نيته الرد، دون انتظار موعد الخطاب المتوقع لأمينه العام، حسن نصر الله، والذي من المُفترض أن يُلقيه مساء يوم الأربعاء. حيث أعلن تعهده بأن تكون هناك تبعات لعملية الاغتيال، مؤكدًا على أن “هذه الجريمة لن تمر من دون جزاء”.
علاوة على ذلك، أعلن الحزب في بيانه أن “العدو الإجرامي الذي فشل بعد تسعين يومًا من الممارسات الإجرامية والقتل والدمار في إخضاع غزة وخان يونس ومخيم جباليا وباقي المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية، لجأ إلى سياسة الاغتيالات والقتل الجسدي في حق كل من ساهم أو خطط أو قام أو دعم عملية طوفان الأقصى المشهودة بالبطولة والتي أسهمت في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض للظلم.”
وأشار إلى “أن ما حدث اليوم هو استمرار لجريمة قتل القائد رضي الموسوي في ميدان عمليات آخر وجبهة قتالية جديدة للدعم والمساندة، وإن الجريمة البشعة هذه لن تزيد المقاومين في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا وإيران والعراق إلا ثباتًا وتمسكًا بعدالة قضيتهم وتصميمًا متينًا وأكيدًا على استمرار مسيرة المقاومة والجهاد حتى تحقيق النصر والتحرير”.
ومن ناحية أخرى، أوضح حزب الله بأن عملية الاغتيال التي طالت العاروري وزملاءه في قلب منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت، تُمثل اعتداءًا جسيمًا على لبنان وأهله وأمنه واستقلاله ومقاومته؛ وتحمل في طياتها معاني سياسية وأمنية كبيرة الأهمية والأثر، وهي تشكل تصعيدًا خطيرًا في مسار الصراع بين العدو وتحالف المقاومة.
وشدد الحزب على أن “هذا الفعل الإجرامي لن يمر من دون رد وعقاب مناسبين، وأن المقاومة ملتزمة بعهدها، قوية ومخلصة لمبادئها وتعهداتها التي أخذتها على عاتقها، جاهزة ومستعدة للعمل دائمًا، مع مقاتليها الذين يظلون على أعلى مستويات اليقظة والاستعداد، وأن هذا اليوم التاريخي سيكون له تبعاته في الأيام القادمة”.
و في أعقاب حادثة الاغتيال النكراء هذه، تتركز الأنظار على ما سيُصرِّح به حسن نصرالله، وخاصة بعد تحذيره السابق، حيث أفاد بأن “أي عملية اغتيال تحدث على الأراضي اللبنانية وتستهدف شخصاً لبنانياً أو فلسطينياً أو سورياً أو إيرانياً أو غيرهم، ستواجه حتماً رداً قوياً، ولن نقبل بأن تصبح لبنان مسرحاً للاغتيالات”.
إقرأ أيضا: البرلمان الأوروبي يدين تصرفات المغرب لاستخدامه الهجرة كسلاح سياسي
رئيس الوزراء المؤقت، نجيب ميقاتي، يدين اغتيال صالح العاروري
و قد أدان رئيس الوزراء المكلف بأعمال الرئاسة نجيب ميقاتي العملية الاغتيالية، مؤكداً أنها “عمل إجرامي جديد لإسرائيل، يهدف قطعاً إلى جر لبنان إلى مرحلة جديدة من الصراعات، بعد الهجمات اليومية المستمرة في الجنوب، و التي تتسبب في سقوط العديد من الشهداء والمصابين”.
وأشار إلى “أن ذلك يمثل جواباً صريحاً على جهودنا الرامية للحيلولة دون امتداد نيران الحرب الدائرة في غزة إلى لبنان، وندعو الدول ذات الشأن إلى ممارسة الضغط على إسرائيل لإيقاف استهدافاتها، ونُحذر من قيام الإدارة السياسية في إسرائيل بنقل فشلها في غزة إلى الحدود الجنوبية، بهدف فرض معطيات وقواعد جديدة للمواجهة”.
وأضاف ميقاتي “أن لبنان يظل ملتزماً بما فيه الكفاية بقرارات الأمم المتحدة الخاصة بهذا الشأن، خاصةً القرار رقم 1701، ولكن الطرف الذي ينبغي مساءلته عن انتهاكاته وتجاوزاته هو إسرائيل التي لم تشبع بعد من القتل والتدمير، وبات واضحًا للقاصي والداني أن قرار الحرب بيد إسرائيل ومن الضروري ردعها وإيقاف عدوانها”.
وانتشرت أصداء التهليل والتعظيم في العديد من تجمعات الفلسطينيين في لبنان إثر الإعلان عن عملية الاغتيال. وقد أصبح اسم صالح العاروري حديث شبكات الإنترنت، حيث تم تبادل لقاءاته الصحفية ومواقفه الكفاحية السابقة، التي تحمل عبارات موجهة لأبناء الشعب الفلسطيني وكذلك لمنظمات المقاومة في دول كل من لبنان، العراق واليمن على منصة “إكس” الإلكترونية.