البرلمان الأوروبي يدين تصرفات المغرب لاستخدامه الهجرة كسلاح سياسي
وافق البرلمان الأوروبي بأغلبية واضحة على قرار يدين الرباط بسبب اختلاقه لأزمة سبتة ، و تعريضه القاصرين للخطر و حثه على عدم “تقويض العلاقات الاستراتيجية” بين المغرب و الاتحاد الأوروبي.
و كانت الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي قد صادقت ظهر اليوم على قرار يدين تصرفات المغرب في أزمة سبتة، و ذلك بسبب دفعه الآلاف من الناس لمحاولة العبور إلى ترابه بشكل غير نظامي. حيث وافق أعضاء البرلمان الأوروبي ب 397 صوتًا لصالح القرار، مع امتناع 196 عن التصويت و 85 صوتًا فقط، ضد نص تم الاتفاق عليه في اليوم السابق من قبل المجموعات الكبيرة في الغرفة والذي تم إدخال بعض التعديلات الإضافية عليه اليوم.
و أدان القرار الابتزاز و الضغط الصادرين من قبل حكومة محمد السادس ، و خاصة مسألة استخدام القاصرين دون عائلات والأشخاص المستضعفين كجزء من تحرك سياسي في الشهر الماضي ، حيث نددت جميع مؤسسات المجتمع المدني بالإجماع بذلك التصرف اللاإنساني و الغير مسؤول، معززة بأصوات النواب الأوروبيين بفضل موقفهم الإضافي.
و تجدر الإشارة إلى أنه ليس لهذا القرار أية عواقب أو تبعات قانونية ، حيث يعتبر بمثابة وسيلة لتحديد موقف سياسي معين، و لكنه قد يشكل سابقة في العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية.
و قد كانت آخر مرة تم فيها اتخاذ قرار بشأن المغرب في أواخر التسعينيات ، أي قبل ربع قرن تقريبًا ، حيث كانت الرباط مرتاحة جدًا لهذا السيناريو.
و يتسم البرلمان الأوروبي عادة بحساسية مفرطة تجاه قضايا الهجرة و حقوق الإنسان ، حيث أفضى الضغط الصادر من الرباط على مدريد بسبب وجود الزعيم الصحراوي في مستشفى في لوغرو ، إلى حث البرلمان الأوروبي على تمرير بعض القوانين و الرسائل المباشرة و الصريحة إلى الملك محمد السادس.
و يُذكر أن العاهل المغربي كان قد حشد بوعي كل موارده في الخارج لمحاولة وقف ذلك القرار أو على الأقل دعم عدد الأصوات المعارضة له.
و كان قد جاء في خطاب مغربي تم إرساله إلى النواب الأوروبيين هذا الأسبوع “محاولات إسبانيا لإشراك البرلمان الأوروبي في صراع ثنائي ، و الاستفادة من قضية الهجرة ، تعرض للخطر ليس فقط تقاليدنا الطويلة في التعاون المشترك، بل أيضًا التزاماتنا المشتركة و التعاون المتبادل مع الدول الأوروبية و البرلمان ”،
و جاء في النص المتفق عليه ” إننا نأسف ، على وجه الخصوص ، بسبب إشراك الأطفال و القصر غير المصحوبين بذويهم و الأسر في العبور الجماعي للحدود من المغرب إلى مدينة سبتة الإسبانية ، مما عرض حياتهم و سلامتهم للخطر بشكل واضح. إنه عمل غير مقبول كورقة ضغط سياسي على دولة عضو في الاتحاد الأوروبي”.
إدانة شديدة اللهجة للمغرب وسط تحريض حزبي إسباني
و لم يحظ الموقف من هذه القضية في الغرفة الأوروبية بالإجماع ، سواء بين جميع العائلات السياسية أو بين الجنسيات. بل إن إسبانيا نفسها أرادت تخفيف حدة اللهجة مع جارتها لأسابيع و تجنب رفع القضية إلى المجلس الأوروبي ، كفرصة ذهبية.
و لكن القرار نابع من تحرك قام به الإسباني جوردي كاس ، عن حزبثيودادانوس ، الذي و بمجرد أن رأى ما كان يحدث في سبتة ، فإنه بحث عن طريقة لعرض القضية على الجلسة العامة سعياً لإدانة الأمر ، عبر بلاغات تنديد يمكن اعتبارها أكثر حدة من تغريدات و بيانات تضامن و قلق و فزع . حيث تم التفاوض بشأنها و دراستها كلمة بكلمة ، و تأكيد مضامينها ، ولكنها ليست بتلك العدوانية ، ما يظهر امتناع 196 دولة عن التصويت بسبب الشكوك.
و كانت المجموعات الأكبر إلى جانب الشعبي و الاشتراكيين و الليبراليين مؤيدة للعقوبة المتفق عليها ، لكنها حاولت أيضًا إعادة بناء الوضع في أسرع وقت ممكن. إنهم يعتقدون أن صوت الغرفة و بروكسل قد سُمع ، لكنهم يدركون أن وضع الهجرة (إلى جانب القضايا الأمنية و مكافحة الإرهاب و التهريب) حساس للغاية و أن التعامل مع دول البحر الأبيض المتوسط أمر أساسي .
و لهذا السبب دعوا إلى عدم تدمير علاقات الجوار الإستراتيجية و المتعددة الأبعاد والمميزة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي و دوله الأعضاء . وبالمثل ، فإن النص يدين و يرغم الرباط من أجل القبول بإعادة القاصرين الذين تم تحديدهم في و قت مبكر من هذا الشهر (على الرغم من وجود عدد كبير منهم في سبتة).
و يذكر أن أحزابا أخرى ، مثل اليسار المتحد أو فوكس VOX في إسبانيا ، كانت أكثر عدوانية و طالبت بعقوبات واضحة ضد المغرب ، و ذلك بسبب الأزمة في سبتة أو الوضع بشكل عام. و لكن رد الرباط كان غاضبا حيث اتهمت إسبانيا بمحاولة إضفاء الطابع الأوروبي على مشكلة ثنائية.
و مع ذلك ، يصر القرار على أن “حرمة الحدود الوطنية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي و الاحترام الكامل و غير القابل للتفاوض على وحدة أراضي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي” أمر مقدس ، و يحذر من التسامح مع تقويض السيادة الإقليمية للدول الأعضاء . و قد كررت المفوضة الأوروبية الحاضرة في المناقشة هذا الصباح ذلك بقولها “الحدود الإسبانيةحدود أوروبية والتضامن معها كامل”.
و في نهاية المطاف ، فإن القرار يتجاوز حادثة سبتة و يعالج القضية الأساسية الحقيقية ، و هي أكثر ما تهم الرباط ، حيث تتجلى من خلال تحديها لقصر مونكلوا بمدريد ، كرد فعل على استضافة مدريد للزعيم الصحراوي ، عن طريق فتح الحدود من جانب واحد و الوصول الهائل للأشخاص المحتاجين إلى الجانب الآخر.
و على عكس الولايات المتحدة ، التي عدلت العام الماضي موقفها بشأن المنطقة كجزء من مفاوضات أوسع تؤثر على عملية السلام في الشرق الأوسط و الاعتراف بإسرائيل ، يواصل الاتحاد الأوروبي ربط موقفه بقرارات الأمم المتحدة.
و يقول أعضاء البرلمان الأوروبي إن الابتزاز وضغط الهجرة لن يجدي نفعا ، و يؤكدون أن الموقف من الشرع يقوم على الاحترام الكامل للقانون الدولي وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي و العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة ، لتحقيق حل تفاوضي عادل و دائم و سلمي و مقبول للطرفين لا يتغير.