معركة “المال العام” في المغرب تحتدم بين وزير العدل وهبي ومنظمات حماية الأموال
اندلعت أولى فصول “الحرب” بين وزير العدل عبد اللطيف وهبي وجمعيات حماية المال العام، في أعقاب التصريحات التي أدلى بها المسؤول الحكومي أمام لجنة العدل والتشريع في مجلس النواب المغربي.
خلال هذه التصريحات، أبدى وهبي انزعاجه من الشكايات التي توجه إلى وزارته، وأعرب عن عدم رضاه بوجود الصحافيين في جلسات اللجنة.
الغلوسي يدخل على خط معركة “المال العام”
لم يتأخر الرد على هذه التصريحات، إذ نشر المحامي محمد الغلوسي تدوينة طويلة على صفحته على “الفيسبوك”، رد فيها على الهجوم على جمعيات حماية المال العام التي يرأس إحداها.
تفاصيل بداية هذه “الحرب” تعود إلى اجتماع لجنة العدل والتشريع في مجلس النواب، حيث تصاعدت حدة النقاش بشدة خلال مناقشة مشروع المسطرة المدنية. وتجاوزت المسألة مجرد نقاش بين الوزير والمعارضة، إلى حد الانسحابات من الاجتماع، بدءًا بالمسؤول الحكومي الذي عاد لكن بعد انسحاب النواب من حزب “العدالة والتنمية” المعارض.
وصلت حدة النقاش إلى درجة أن وزير العدل هدد بعدم تقديم أي طلب مستقبلَا للجنة، كما أن عودته إلى الاجتماع بعد الانسحابات جعلت الأمور أكثر تصاعدًا، خاصة أنه ربط ذلك بـ “احترام اللجنة”، مؤكدًا أن “الحكومة غير معنية به”.
وفيما بعد، استمر وزير العدل في صناعة الحدث داخل الاجتماع، حيث أعرب عن انزعاجه من زيادة جمعيات حماية المال العام والشكايات التي تقدم ضد وزارته.
وتعهد بمواجهة ذلك من خلال القانون الجديد، الذي يتضمن عقوبات صارمة للوشاية الزائفة، وطرح تساؤلات حول كيفية تقليص عدد الشكاوى الزائدة.
وأعرب المسؤول الحكومي عن خوفه من أن “هذا الأمر وصل إلى مستوى إذا لم نوقفه، فلن يقدر أحد على ممارسة السياسة مستقبلا”. واستعرض مشكلة استخدام العمل القضائي كوسيلة للصراعات السياسية.
أيضًا، أبدى وزير العدل انزعاجه من وجود الصحافيين خلال جلسات اللجنة، وأعلن عزمه طلب سرية هذه الجلسات، خاصة في ظل النقاشات المرتقبة حول مشاريع القوانين في النصف الثاني من الولاية التشريعية.
تاريخ الصراع بين وزير العدل وجمعيات حماية المال العام ليس جديدًا، فهو لم يظهر فجأة في اجتماع الثلاثاء العاصف للجنة العدل والتشريع، بل له جذوره في الماضي وتاريخه الطويل.
تتعلق هذه المسألة بمداخلة سابقة للوزير وهبي في مجلس المستشارين، حيث هدد جمعيات حماية المال العام بمنعها من رفع شكايات ضد المنتخبين والشخصيات بشأن اختلاس المال العام.
في كلمته، أشار الوزير إلى تعديل مقترح في قانون المسطرة الجنائية، حيث ينص على أنه يجب على وزير الداخلية أن يكون المسؤول عن تقديم الشكايات لدى النيابة العامة بشأن اختلاس المال العام، بدلًا من الجمعيات.
إقرأ أيضا: كيف يمكن للمغرب أن يحمي المهاجرين ضمن جهود مكافحة الاتجار بالبشر
مبررات وهبي بشأن القرار و جمعيات حماية المال العام
يبرر وهبي هذا القرار بوجود أشخاص يدّعون أنهم رؤساء جمعيات حماية المال العام دون وجود جمعيات فعلية، مما يعرض العمل القضائي للخطر.
وفقًا للمسؤول الحكومي، يجب أن يكون لمن وُجِد المال لديه الحق في تقديم الشكوى، ويشير إلى أن عندما يُحال مِلَفّ من قبل المجلس الأعلى للحسابات إلى النائب العام، يكون هذا ضمن الإطار الطبيعي للعمل القضائي، حيث تتعامل هيئة دستورية مع أخرى، وليس كحالة تقديم جمعية شكوى ضد المنتخبين.
ويؤكد أن تقديم شكوى بالاختلاس ضد عضو منتخب يترك تأثيرًا سلبيًا على سمعته.
في ردّه، أشار المحامي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى تزايد حجم الشبكات المتورطة في الفساد والرشوة، واعتبرها تهديدًا حقيقيًا للدولة والمجتمع.
أكد أنه يجب على وزير العدل اتخاذ إجراءات حازمة لمواجهة هذه الظاهرة، بما في ذلك تجريم الإثراء غير المشروع ومحاسبة كل الفاعلين، بما في ذلك الحكومة.
وبناءًا على تدوينة الغلوسي، يبدو أن وزير العدل يحاول عرقلة جهود مكافحة الفساد، حيث يستخدم موقعه للتشكيك في شكايات جمعيات حماية المال العام وتوجيه انتقادات لها.
يعتبر الغلوسي هذا التحرك خطوة في الاتجاه الخاطئ، حيث يجب أن يكون وزير العدل داعمًا لهذه الجهود بدلاً من محاولة عرقلتها.
بالنسبة لرئيس الجمعية، فإن اقتراح وزير العدل بتشديد عقوبة الوشاية الكاذبة يعتبر خطيرًا، حيث سيؤدي ذلك إلى ترهيب المبلغين عن الفساد ومنعهم من الإبلاغ عن ممارسات غير قانونية.
كما يعتبر أن وزير العدل يفتقد إلى المصداقية في جهوده لمكافحة الفساد، ويسعى بدلاً من ذلك إلى تمرير أجندة سياسية.
وفي الختام، يطرح الغلوسي سؤالًا حول دور وزير العدل في هذا السياق، ولماذا يتدخل في مسائل خارج نطاق صلاحياته، مما يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذه الإجراءات.
وفقًا لتصريح المحامي، يتحدث وزير العدل عن استغلال بعض الأشخاص لتقديم الشكاوى كوسيلة لابتزاز المسؤولين، مما يعد جريمة قانونية يجب معاقبة مرتكبيها وفقًا للقانون الجنائي.
ويطرح السؤال حول سبب عدم تقديم الوزير لتقارير أو معلومات تفيد بتورط الأشخاص في هذه الجريمة المشينة، وهي جريمة الابتزاز.
ونتيجة لهذا التصريح، قام الغلوسي، بصفته رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، بمطالبة الوزير وهبي بتقديم الأدلة والمعلومات التي يمتلكها حول حالات الابتزاز إلى القضاء.
وأعرب عن رفضه الشديد لتحويل المجال القانوني إلى وسيلة للابتزاز والفساد، وشدد على ضرورة محاسبة المتورطين وتوجيه عقوبات رادعة لهم.
وأكد أن الجهود يجب أن تتجه نحو تنقية العمل القانوني وتحقيق العدالة، بدلاً من تحويله إلى مصدر للأنانية والفساد.
إقرأ أيضا: المغاربة يتضامنون مع الأساتذة المتعاقدين بهاشتاغ حماية الأساتذة في المغرب