المرأة والديمقراطية المغربية. النشطاء يقودون النضال من أجل المساواة بين الجنسين
في العقدين الأخيرين ، شهد المغرب إصلاحات شاملة عندما يتعلق الأمر بالنضال من أجل المساواة بين الجنسين ، و مع ذلك لا يزال بعض المراقبين غير مقتنعين بذلك.
في منشور مدونة من عام 2018 بعنوان “المغرب، الريادة من أجل تقدم المرأة في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا” ، قدمت السياسية الأمريكية السابقة بيتسي ماركي تفاصيل تجاربها و ملاحظاتها عن الوقت الذي قضته في المغرب.
و قالت ماركي “عند الحديث عن النساء في المجتمعات ذات الغالبية الإسلامية ، فإن معظم وسائل الإعلام الغربية تميل إلى التركيز على الاضطهاد وانعدام الفرص. ومع ذلك ، فإن المغرب يبرز كمثال للإسلام بإخلاص ، و يعزز التسامح ، و يلتزم بالنهوض بنسائه”.
و أشارت السياسية السابقة إلى تمثيل المرأة في الحكومة المغربية كإحدى قصص النجاح في البلاد على طريق المساواة بين الجنسين. حيث أنه في عام 2017 ، شغلت النساء 21٪ من مقاعد مجلس النواب ، مقارنة بنسبة 19٪ في الولايات المتحدة في ذلك الوقت. و ذلك نتيجة للإصلاحات الدستورية التي ضاعفت عدد المقاعد النيابية المحجوزة للمرأة بين عامي 2007 و 2011 ، من 30 إلى 60 من إجمالي 395 مقعدًا.
و لطالما روجت الحكومة المغربية للإصلاحات من حيث المساواة بين الجنسين ، و لفتت الانتباه إليها على المسرح العالمي. و قد لعبت الحكومة المغربية دورًا أساسيًا في تأسيس “مجموعة الأصدقاء” للقضاء على العنف ضد النساء و الفتيات في عام 2019 ، و هي جزء من شراكة بين الاتحاد الأوروبي و الأمم المتحدة بميزانية أولية قدرها 500 مليون يورو. و قد أقيم حفل الإفتتاح تقريبًا في 7 ديسمبر و بحضور أكثر من 200 ممثل من منظمات الأمم المتحدة و البعثات الدبلوماسية و المنظمات غير الحكومية.
1- ما وراء البصريات
على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة ، يعتقد اللغوي والأكاديمي البارز ” موحى الناجي “ أن نشاط المرأة هو الذي ساهم في تشكيل الديمقراطية إلى حد كبير في بلدان مثل المغرب.
و في دراسته المعنونة “المرأة و الجنس و السياسة في المغرب”، يكشف الناجي عن الحالة النسوية و المساواة بين الجنسين في مغرب اليوم ، خاصة بعد التطورات المختلفة منذ استقلال البلاد.
و بالحديث عن “نسوية الدولة” ، التي يصفها بأنها سياسة الدولة الرسمية لتحرير المرأة ، يعتقد أن الطبقة الأرستقراطية و نساء الطبقة العليا هن الأكثر استفادة. بينما نجحت الحركة النسوية الحكومية في تطوير ظروف مادية معينة ، مثل الوصول إلى التعليم و الرعاية الصحية و التوظيف ، إلا أنها لم تفعل شيئًا يذكر لمحاربة المواقف الاجتماعية و الثقافية السلبية تجاه المرأة.
و في غضون ذلك ، نما عدد المنظمات النسائية غير الحكومية في المغرب بسرعة في العقدين الماضيين ، و التي وصفها الناجي بأنها تتميز بالبراغماتية و الأهداف الواضحة، و ركزت على تحسين الظروف الاجتماعية و الاقتصادية للمرأة.
و أوضح الناجي أن هذه إحدى الطرق التي يمكن للناس من خلالها التعامل مع بعض القضايا الأكثر إلحاحًا و حلها و التي قد لا تتمكن البرامج الحكومية من معالجتها بطريقة مناسبة أو في الوقت المناسب.
2- إبراز المبادرات التي يقودها المواطن
مع التركيز على تحسين حياة المرأة ، كثفت العديد من المنظمات غير الحكومية في المغرب جهودها للنهوض بالمساواة بين الجنسين ، و مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي ، و مساعدة النساء المستضعفات من خلال توفير المأوى لهن و المشورة القانونية.
و من ضمن هذه البرامج، الإتحاد النسائي الحر L’Union Féministe Libre (UFL) ، وهي منظمة مغربية غير حكومية تأسست عام 2016.
و تعتمد هذه المبادرة على توفير الدعم القانوني و النفسي لأي ناجٍ من العنف القائم على الميز الاجتماعي و الجنس ، بينما تنظم أيضًا المحاضرات و عروض الأفلام و المناقشات و العلاجات الجماعية و جلسات القراءة و دروس الدفاع عن النفس و أوراش عمل أخرى.
و في المقابل ، و من أجل العمل على تحسين الظروف المادية للمرأة ، أطلقت جمعية التضامن النسائي (ASF) ، و التي قامت بتأسيسها عائشة الشنا في عام 1985 ، أحد مشاريعها الأولى المدرة للدخل ، و هي عبارة عن “مطعم التضامن النسوي ” Solidarité Féminine في الدار البيضاء.
و تهدف هذه المبادرة إلى مساعدة الأمهات العازبات على الاستقلال بذواتهن و ذلك من خلال توفير دخل ثابت و دائم لهن. ففي حديثها إلى منبر إعلامي مغربي محلي ، أوضحت عائشة الشنا ” أن ذلك يدخل في إطار ضمان عدم تخلي أم عازبة عن طفلها ، لذلك عليك أن تمنحها الوسائل اللازمة للقيام بذلك”.
3- واقع صارخ
على الرغم من هذه التطورات نحو المساواة بين الجنسين ، إلا أن التقارير لا زالت تشير إلى وجود العنف القائم على الميز الاجتماعي الذي يشكل جزءًا من الحياة اليومية للعديد من النساء المغربيات. ففي إحدى هذه الدراسات نجد أن 82.6٪ من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 74 عامًا في المغرب قد تعرضن على الأقل لعنف قائم على النوع الاجتماعي خلال حياتهن. كما و جدت المندوبية السامية للتخطيط أن 58.8٪ من الفتيات و النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 24 سنة، قد عانين من العنف من طرف شركائهن أو صديقاتهن ، بينما 52.1٪ من النساء المتزوجات عانين من العنف المنزلي.
كما يدعو العديد من النشطاء إلى تغيير ما يرون أنه وجهات نظر حكومية عفا عليها الزمن بشأن الإجهاض واستقلالية الجسم. و في غضون ذلك ، تحدث رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني ، الذي أدان دعوات المنظمات غير الحكومية لإلغاء تجريم الإجهاض ، عن “انهيار القيم التقليدية للبلاد”.
و علاوة على ذلك ، فقد أشار الناجي إلى أن الأمية لا تزال منتشرة بين النساء أكثر من الرجال ، وأنهن لازلن يعانين من الظلم الاجتماعي مثل عدم المساواة في الأجور و الفقر ، و أن وصولهن إلى الوظائف العليا أو مناصب صنع القرار ضئيل للغاية.
و كانت الصحفية المغربية زينب ابن زاهر و في خضم حديثها إلى الموقع المحلي ” Le360 ” عن التقدم و تحسين وضع المرأة المغربية في عام 2019 ، قد أشارت إلى حقيقة أن المرأة المغربية قد حققت بعض المكاسب . و استشهدت بـ “الحق في عدم الطلاق ، وطلب الطلاق” ، و “الحق في نقل جنسيتنا إلى أطفالنا” ، و “الحق في أن نُعامل كشخص بالغ و مستقل ، و ليس قاصرًا بحاجة إلى وصاية ذكورية أبدية”
كما أكد الناجي ، أن إصلاحات المساواة بين الجنسين في المغرب لن تكون ممكنة بدون النضال الطويل للحركة النسوية والدعوة القوية القائمة على الخبرة الحقيقية و المرتبطة بالواقع الشعبي و تجارب المرأة.
فبالرغم أنه من الأهمية الاحتفال بالإنجازات ، و التي تحقق الكثير منها إلى يومنا هذا ، إلا أن النشطاء يلحون على الكثير من العمل الذي يتعين على المغرب القيام به بشأن دمج النساء اجتماعياً و سياسياً و اقتصادياً.