إقتصاد و أعمال

أسعار النفط تتراجع مع تهدئة الوضع في البحر الأحمر

شهدت أسعار النفط انخفاضًا واضحًا يوم الخميس الماضي، وذلك نتيجة تهدئة الوضع في البحر الأحمر وتحسن ظروف الشحن البحري.

ومع ذلك، ما زالت هناك عوامل تهدد استقرار السوق، مثل الصراع في غزة وزيادة مخزونات النفط الأمريكية وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

1- تأثير البحر الأحمر على أسعار النفط

يُعد البحر الأحمر ممرًا مائيًا حيويًا يربط بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، كما يُعتبر أحد أهم طرق الشحن البحري في العالم.

ووفقًا للمنظمة الدولية للطاقة، يمر حوالي 9% من إجمالي النفط الخام العالمي عبر البحر الأحمر كل يوم.

ولذلك، فإن أي اضطراب في حركة الشحن عبر البحر الأحمر قد يؤثر سلبًا على أسعار النفط، حيث يزيد من مخاطر تأخر التوريدات ويقلل من الإمدادات المتاحة في السوق.

وهذا ما حدث في وقت سابق من هذا الشهر، عندما بدأت جماعة الحوثي اليمنية في استهداف السفن السعودية والإماراتية في البحر الأحمر، مما أدى إلى تعطيل التجارة العالمية وزيادة المخاوف من نشوب حرب إقليمية.

و تشهد أسعار النفط ارتفعًا حادًا في الأسابيع الأخيرة، حيث تصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2014. ووفقا لبيانات بلومبرغ، بلغ متوسط سعر خام برنت القياسي العالمي 81.44 دولار للبرميل في شهر أكتوبر/تشرين الأول، بزيادة 7.5% عن شهر سبتمبر/أيلول.

إقرأ أيضا: ما هو الشيئ الذي يعرقل انتعاش الاقتصاد العالمي

2- تحسن الوضع في البحر الأحمر وتراجع أسعار النفط

ومع ذلك، بدأ الوضع في البحر الأحمر يتحسن تدريجيا في الأيام الأخيرة، مع عودة شركات الشحن الكبرى لاستخدام هذا الممر الحيوي.

و وفقا لتحليل رويترز، قررت شركة ميرسك الدنمركية، أكبر شركة شحن حاويات في العالم، إعادة توجيه جميع سفنها التي تبحر بين آسيا وأوروبا عبر قناة السويس، بعد أن كانت تستخدم طريق رأس الرجاء الصالح في أقصى جنوب القارة الأفريقية كبديل.

واتبعت شركات أخرى مثل هاباغ لويد وسي إم آي سي جي إم هذا القرار، مما يشير إلى تهدئة المخاوف بخصوص أمن الشحن في المنطقة.

وهذا التحسن في الظروف اللوجستية أدى إلى تراجع أسعار النفط يوم الخميس الماضي، حيث انخفض سعر خام برنت القياسي العالمي بنسبة 1.3% إلى 78.63 دولار للبرميل، وانخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 1.1% إلى 73.29 دولار للبرميل.

ومن المتوقع أن يستمر تأثير البحر الأحمر على أسعار النفط في الفترة المقبلة، حيث يعتمد على تطورات الوضع السياسي والأمني في الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، يلعب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة دورًا مهمًا في تهدئة التوترات وحماية حرية الملاحة في المنطقة.

وقد أعلنت الولايات المتحدة عن إنشاء قوة بحرية متعددة الجنسيات لمراقبة البحر الأحمر ومنع أي هجمات على السفن. ولكن هذه المبادرة لم تحظ بتأييد كافٍ من الحلفاء الغربيين والعرب، مما يثير مخاوفهم من تصعيد النزاع مع إيران وحلفائها.

3- العوامل التي تؤثر على أسعار النفط

العوامل التي تؤثر على أسعار النفط
العوامل التي تؤثر على أسعار النفط

بالإضافة إلى البحر الأحمر، هناك عوامل أخرى تؤثر على أسعار النفط في السوق العالمية، وتتضمن:

العرض والطلب: تتأثر أسعار النفط بتوازن العرض والطلب على النفط الخام ومنتجاته.

وفي الوقت الحالي، يواجه السوق ضغوطًا ناجمة عن زيادة العرض من جانب الدول المنتجة مثل الولايات المتحدة وروسيا والسعودية، وتباطؤ الطلب من جانب الدول المستهلكة مثل الصين والهند وأوروبا بسبب تراجع النمو الاقتصادي العالمي نتيجة لتفشي جائحة كورونا وتصاعد التوترات التجارية والسياسية بين القوى الكبرى.

وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي، فإن النمو الاقتصادي العالمي سينخفض إلى 3.5% في عام 2023 مقارنة بـ 5.9% في عام 2022. وهذا يعني أن الطلب على النفط سيتباطأ أيضا، خاصة في الدول النامية والمتقدمة التي تستهلك معظم النفط في العالم.

إقرأ أيضا: أسباب أزمة الطاقة العربية والعالمية

4- توقعات مستقبلية لأسعار النفط

من الصعب التنبؤ بمستقبل أسعار النفط، فهي تتأثر بالعديد من العوامل المتغيرة باستمرار.

ومع ذلك، يمكن النظر إلى بعض الاتجاهات الحالية والمتوقعة التي قد تشكل السوق في العام الجديد 2024. من بين هذه الاتجاهات:


توقعًا لاستمرار التعافي الاقتصادي وتقدم حملات التطعيم، من المتوقع أن يشهد الطلب على النفط تحسنًا في العديد من الدول، خاصة النامية والمتقدمة. ستلعب حرية السفر والنشاط الاقتصادي دورًا كبيرًا في زيادة الطلب على النفط.

من المتوقع أيضًا استمرار الجهود الدولية لمكافحة التغير المناخي، حيث ستتعزز الالتزامات بتخفيض الانبعاثات الكربونية وزيادة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.

قد يؤدي هذا التطور إلى انخفاض الطلب على النفط في المستقبل، لكنه أيضًا يشجع على تطوير تقنيات استخراج وإنتاج النفط بشكل أكثر كفاءة.

مع توازن العرض والطلب بين الدول المنتجة والمستهلكة للنفط، يجب مراعاة العوامل الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على سياسات الإنتاج والتصدير والاستيراد.

يجب اتخاذ القرارات الحكيمة للحفاظ على استقرار أسعار النفط في العالم.

وتواجه صناعة النفط والغاز أيضًا تحديات التكنولوجيا والابتكار في قطاع النفط والغاز، مع تحسين كفاءة الاستخراج والتكرير والنقل والتخزين والاستهلاك للحفاظ على استدامة هذه الصناعة.

كذلك فإن تطبيق أحدث التقنيات يمكن أن يساعد في تقليل التكاليف وزيادة الإنتاجية.

وفقًا لتقرير منظمة الطاقة الدولية، يتوقع أن يكون متوسط سعر خام برنت القياسي حوالي 75 دولارًا للبرميل في عام 2024. ويعتمد هذا التوقع على افتراضات بشأن النمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط والعرض المتاح والتكاليف والاضطرابات المحتملة.

و عمومًا، يجب أن نفهم أن أسعار النفط تتأثر بالعديد من العوامل السوقية والسياسية والبيئية والتكنولوجية، وأنها تخضع للتقلبات والتغيرات بشكل مستمر.

إذ من المهم مراقبة تلك العوامل وتحليلها بتفصيل لاتخاذ قرارات استثمارية ذكية وتحقيق أقصى استفادة من سوق النفط. إضافة إلى استخدام أدوات التداول المناسبة واعتماد استراتيجيات جيدة يمكن أن يساعد أيضًا في تقليل المخاطر وتحقيق الأرباح المرجوة.

زر الذهاب إلى الأعلى