إقتصاد و أعمال

ما هو الشيئ الذي يعرقل انتعاش الاقتصاد العالمي

سنتطرق في مقالتنا لهذا اليوم، إلى موضوع ما هو الشيء الذي يعرقل انتعاش الاقتصاد العالمي مرة أخرى، وهذا موضوع مهم جدا وخاصة في الوقت الحالي.

في الواقع سيكون هذا العام 2022 على الأغلب عامًا صعبًا، على جميع الأصعدة وخاصة على الصعيد الاقتصادي، إذ ستُحشر أغلب دول العالم بين المطرقة والسندان، وهذا بين قوتي ضغط كبيرتين هما قوة سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، النقدية الأكثر تشددا والأكثر تباطؤ في النمو، بالإضافة إلى وجود ذلك المتحور الجديد من فيروس كورونا والذي يطلق عليه اسم “ميكرون”، والذي بدوره قد يؤدي، ولو أثبت الدول أنها تستطيع السيطرة عليه

قد يوصل العالم إلى انتكاسة جديدة وخاصة في فرصة التعافي الاقتصادي المنتظرة منذ وقت وذلك في جميع أنحاء العالم.

 

 

1- السلالة الجديدة المتحورة وأثرها على انتعاش الاقتصاد العالمي

 

 على الأغلب، أن المخاوف المتنامية المتعلقة بالسلالة المتحورة الجديدة، من فيروس كورونا، أو ما يطلق عليه الآن اسم ميكرون، تسببت في حصول هبوط حاد وانخفاض في معدل أسعار النفط، العالمية. بالإضافة إلى أنه تسبب أيضا في تراجع قوي وسريع، في أسواق الأسهم المالية العالمية.

كما وصنّفت منظمة الصحة العالمية، وقف أحدث الدراسات والأبحاث أن السلالة الجديدة المتحورة، المنتشرة حاليا بشكل كبير، وضعت ضمن تصنيف أنها (مقلقة)، وهذه هي خامس سلالة فيروسية متحورة، توضع في نفس هذا التصنيف، من قبل منظمة الصحة العالمية.

ومن الجدير بالذكر هنا، أن أسعار النفط العالمية انهارت بأكثر من عشرة بالمئة، وذلك بعد أن أثارت السلالة المتحورة لفيروس كورونا العديد من المخاوف والتكهنات، من تجدد إمكانية ظهور فرض حظر، وإغلاقات دولية عامة، وذلك على السفر عبر المنافذ الجوية والبحرية والبرية. مما يهدد التعافي العالمي الذي كان منتظرا من العام الماضي. ومما يعزز أيضا المخاوف من إمكانية ظهور تضخم فائض العرض العالمي، وذلك في الربع الأول من العام الحالي.

 

 

2- السياسة النقدية العالمية

 

في الحقيقة لقد ذكرت مجلة “إيكونوميست”The Economist” الصادرة في المملكة المتحدة البريطانية، في تقرير حديث وموسع لها، أن كلا من الولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية والصين تسيطران وبقوة على قمة عرش الاقتصاد العالمي. حيث تسيطر جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الأميركية، على ما يقارب الأربعين بالمئة من الناتج الإجمالي العام المحلي الدولي. وذلك حسب سعر صرف السوق.

 لكن هذين العملاقين الدوليين السابق ذكرهما آنفا، يميلان أكثر وأكثر إلى التأثير المباشر على الاقتصادات الدول الأخرى، المتعثرة بطرق مختلفة ومتنوعة.

 

3- سياسة أمريكا النقدية وأثرها في انتعاش الاقتصاد العالمي

 

في الواقع، أن الشيء الذي يعرقل انتعاش الاقتصاد العالمي وخصوصاً في أمريكا، هو النمو الاقتصادي المتراجع فيها. وهو بمثابة سيف ذو حدّين، يؤثر تأثيراً سلبياً على الكثير من البلدان والاقتصادات الناشئة.

وغالبا ما يسيطر التأثير التوسعي لإنفاق الأفراد والأسر الأميركية على سياسة أمريكا النقدية، وذلك نظرا إلى الدور المهم والمؤثر للدولار، وسندات الخزانة في النظام المالي الدولي. حيث ترتبط السياسة النقدية الأميركية، والتي توصف بأنها الأكثر تشددا في معظم الأحيان، بانخفاض وجود الرغبة الحقيقية في المخاطرة عالميا. وبالتالي يميل تدفق رأس المال في الأسواق الناشئة، والدول المتعثرة إلى الانحسار الكامل أو الجزئي، كما ويقلل الدولار، التعاملات التجارية بسبب دور الدولار الهام في إصدار الفواتير.

وفي المقابل، فإن تأثير الصين الشعبية في الاقتصاد العالمي، يعتبر أكثر واقعية وضوحا، لأن الصين تصنّف على أنها المستهلك الأول في العالم، لعدة مواد مثال على ذلك: معدن الألمنيوم ومادة الفحم وكذلك مادة وفول الصويا ومادة القطن الخام ومواد كثيرة متنوعة أخرى مصنوعه وغير مصنوعه لا يسعنا ذكرها الآن.

كما وتعد جمهورية الصين المستورد الأول والرئيسي للعديد والعديد من السلع، لذلك فعندما تتعثر الصين، أو عندما يتعثر اقتصادها يتأثر المصدّرون والمستوردون، وهذا في جميع أنحاء العالم وليس داخل الصين فقط.

 ولا ننسى أن نذكر هنا أيضا أن هذا العام الحالي لن يكون أول عام، تضطر فيه اقتصادات العالم قاطبة، إلى الغوص في مياه ضحلة وخطره، كهذه.

 ففي السابق، عند منتصف عام 2010 وفي الشهر السادس تحديدا. تعرضت بعض الأسواق الضعيفة الناشئة للضغط الشديد، وهذا بسبب ارتفاع سعر الدولار، حينها قام الاحتياطي الفدرالي، يسحب الدعم النقدي الموجود وذلك في فترة الأزمة العالمية المالية، في حين أوصلت الجولة السيئة من تحرير الأسواق العالمية المالية. وكذلك أوصل تشديد الائتمان، إلى حدوث ركود في بكين، لهذا تراجع النمو الاقتصادي وبشكل ملحوظ، في أغلب هذه الأسواق، باستثناء السوق الصينية، وذلك من خمسة ونصف بالمئة عام ألفين وأحد عشرة إلى ثلاثة نصف بالمئة في عام ألفين وخمسة عشر.

ولكن وفي هذه السنة تحديدا قد يكون الضغط أكثر قوة وإيلاما. ففي العقد الأول من القرن الحالي، أدى ضهور الانتعاش الضعيف والتضخم القليل، إلى التأثير السلبي على البنك الاحتياطي الفدرالي. مما أجبره على التراجع، ومرّت أكثر من سنتين ونصف السنة، على إعلان الاحتياطي الفيدرالي، عن الرغبة في تخفيض المشتريات من الأصول، وبين أول صعود في معدل سياسات البنك الاحتياطي الفدرالي حين ذاك.

على النقيض من ذلك هذه المرة، من المرجح أن تتضمن السنة الحالية، إعلان البنك الاحتياطي الفدرالي، خطته للبدء في تغيير سياساته المالية تدريجيا، وقفا لشراء السندات وزيادة ملحوظة في أسعار الفائدة المطروحة، وذلك وفق السعر الرسمي الحالي للسوق.

وبالتالي، ووفقا لما سبق، سيكون من الأفضل أن ينظر البنك المركزي الأميركي، في إسراع إنهاء برنامج التضخم، لمشتريات السندات تبعا إلى قوة الاقتصاد، وتبعا كذلك لمعدلات التضخم المرتفعة.

ومن الجدير ذكره هنا. أن المجلس الاحتياطي الاتحادي، بدأ فعليًا في تقليص برنامج شراء السندات، في وقت سابق من السنة الماضية، حيث تم الإعلان عن جدول زمني، لتخفيض بحيث ينتهي تقريبا في حدود منتصف العام الحالي. لكن محللين اقتصاديين كثيرين يتوقعون أن يعاد النظر في هذا الإطار الزمني، ضمن اجتماعات المنعقدة في الأشهر القادمة، وهذا وفق ما نقلت وكالة رويترز.

 

 

4- تباطؤ النمو في الصين

 

بصفة عامة، أن الشيء الذي يعرقل انتعاش الاقتصاد العالمي في الصين، هو أنها معرضة بدورها لخطر الهبوط الشديد، في الوقت الحالي. أكثر مما كان عليه الحال قبل عدة سنوات، حين استجابت الحكومة في بكين آنذاك، لتباطؤ النمو عبر القيام بفتح صنابير الائتمان. مما أدى إلى إعادة تضخيم فقاعة الإسكان، ومنذ ذاك الوقت، أصبحت السوق العقارية واسعة أكثر من المطلوب. مما أدى إلى ازدياد أعباء وديون، الأفراد والأسر والشركات في الصين.

وفي الوقت الحالي يوجه المسؤولون الاقتصاديون، تحذيرات منتظمة شديدة اللهجة، تنذر بالسوء بشأن التعديل القادم. على الرغم من أن صندوق النقد الدولي يصر على توقع أن تنمو الصين، بنسبة خمسة ونصف بالمئة، هذا العام. وهذا هو أدنى معدل نمو تحققه جمهورية الصين الشعبية، منذ عدة سنوات سابقة.

 في نهاية المطاف، نكون قد وصلنا إلى نهاية موضوع ما هو الشيء الذي يعرقل انتعاش الاقتصاد العالمي مرة أخرى. تناولنا فيه شرح عن السلاسة الجديدة المتحورة من فيروس ميكرون، وتأثيره السيء على السياسة النقدية العالمية، وسياسة الولايات المتحدة الأميركية النقدية، وكذلك عرجنا بالشرح المفصل، على تباطؤ النمو في الصين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى